مؤسسيَّة الفتوى في صدر الإسلام والواقع المعاصر

บทคัดย่อ

لم تتعدد مصادر الفتوى في صدر الإسلام وإنما قصر ذلك على متلقي الوحي الإلهي النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) النجم:4،3] وقد كانت مؤسسية الفتوى متمثلة بشخصيته صلى الله عليه وسلم. فكان المصدر الوحيد للفتيا هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو المبلِّغ عن الله تعالى، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتلقون منه كلما يتعلق بدينهم، وكان ذلك التلقي بسبب أحداث أو أسئلة يوجهونها له صلى الله عليه وسلم، وهو يرد فيما علم ويتوقف عما لا يعلم حتى يرد عليه الوحي.

ثم اتسع المجتمع وزادت رقعة الإسلام فتلقى الصحابة القرآن وأعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم الضوء الأخضر لكتابته، ثم توقف النهي عن كتابة الحديث ما يُعّدُّ تأهيلا لهم للقيام بالفتوى بعده صلوات ربي وسلامه عليه، فبرز عدد من الصحابة في بعض فنونه، فكان منهم القراء، ومنهم الفقهاء، وكانت فتاواهم مؤسسية فلا ينفردون في الإفتاء بل قد ينادي بعضهم بعضا للمشاورة وهذا يؤكد على مؤسسية الفتوى في عهدهم رضوان الله عليهم.

 ثم جاء عهد التابعين وكان هناك عدد محدود من العلماء برزوا ولقبوا بالفقهاء السبعة، ثم أخذ عنهم جيل التجديد بعد اتساع التدوين وتفريع العلوم. وبدأت ظاهرة فردية الفتوى تنتشر في تلك العصور لوجود علماء؛ الواحد منهم موسوعة يستوعب عدداً من الفنون والمعارف، مع ذلك كان ربما يجتمع على الفتوى العويصة عدد منهم للخروج بالحكم فيها. ولكن في العصر الحديث بدأت العلوم أكثر تشعبا، واتساع حاجة الناس في الفتوى، وتنوع مجالات الحياة ومشكلاتها؛ تفرض على أهل العلم السعي نحو إيجاد مجامع فقهية تتولى التأصيل والفتوى المؤسسية لإبراز معالم التجديد، وتلبية الفقه لكل متطلبات الحاضر، وتبيين أحكام الإسلام في المستجدات المعاصرة.